( 1 ) والفتن : جمع فتنة ، والفتنة هى : الابتلاء والاختبار والامتحان قال تعالى : ( واعلموا أنما أموالكم و أولادكم فتنة ) (الانفال : 28) وقال تعالى : ( ونبلونكم بالشر والخير فتنة ) (الانبياء : 35 ) فالفتنة هنا بمعنى : الابتلاء والاختبار والامتحان ، تقول : فتنت الذهب بالنار اذا امتحنته ، لتظهر جودته من رداءته . فظهور الفتن ، وكثرتها من علامات الساعة ، واظن اننا نرى الان فتنا ، اسال الله - جل وعلا - ان ينجينا واياكم منها بمنه ورحمته وكرمه ، انه ولى ذلك والقادر عليه .
ولقد وصف النبى صلى الله عليه وسلم هذه الفتن وصفا دقيقا _ تدبر معى لنقف مع هذه الكلمات النبوية .
ففى ( صحيح مسلم ) من حديث أبى هريرة رضى الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال : ( بادروا بالاعمال فتنا ) أى : سابقوا بالاعمال الصالحة قبل أن تحل أو أن تقع الفتن بأحدكم ،( كقطع الليل المظلم ، يصبح الرجل مؤمنا ، ويمسى كافرا ، أو يمسى مؤمنا ، ويصبح كافرا ) يكفر فى يوم واحد او فى ليلة واحدة ، لماذا ؟ قال عليه الصلاة والسلام : ( يبيع دينه بعرض من الدنيا ) يكون معك فى صلاة الفجر فى بيت من بيوت الله تبارك وتعالى ، تبحث عنه فى صلاة المغرب او العشاء فلا تراه!!
وفى اليوم الثانى غير موجود ، والذى يليه غير موجود ، اين ذهب ؟ لقد باع الدين ، بعرض من الدنيا حقير ! ربما يدخل فى المساء غرفة من غرف الشات ، او غرف الدردشة أو موقعا من المواقع الاباحية ، فلا يخرج ولا حول ولا قوة الا بالله _ الا وقد باع دينه بعرض من الدنيا ..بكرسى زائل .. بشهوة محرمة .. بلذة فانية .. واقع خطير وقع فيه كثير من الخلق على مستوى البشرية كلها ، تجد المرء يفرط فى صلاته ، او فى حجاب امراته ،او ياكل الربا والحرام ، او ياكل أموال الناس بالباطل من اجل شهوة رخيصة !!!
فهل تصورت بعد كل هذا التعبير النبوى البليغ ؟ ( بادروا بالاعمال فتنا كقطع الليل المظلم )
انه تعبير نبوى فى غاية البلاغة ممن آتاه الله جوامع الكلم ، ويعبر الحبيب صلى الله عليه وسلم عن هذه الفتن بقوله : ( كقطع الليل المظلم )
نعم ... لا نجاة له فى هذه الفتن الحالكة السوداء التى لا يرى فيها بصيصا من النور ، الا بالعمل الصالح . فالرسول صلى الله عليه وسلم يلفت أنظارنا بجلاء الى الدواء ، فهو الرحمة المهداة ، والنعمة المسداة ... يشخص لنا الداء ، ولا يترك الامة هذا حيرى ، وانما يحدد الدواء بدقة وامانة.....